الربا

4:28 ص اضف تعليق


.المقدمة:
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
لا شك أن موضوع الربا، وأضراره، وآثاره الخطيرة جدير بالعناية، ومما يجب على كل مسلم أن يعلم أحكامه وأنواعه ليبتعد عنه؛ لأن من تعامل بالربا فهو محارب لله وللرسول صلى الله عليه وسلم.
ولأهمية هذا الموضوع جمعت لنفسي ولمن أراد من القاصرين مثلي الأدلة من الكتاب والسنة في أحكام الربا، وبينت أضراره، وآثاره على الفرد والمجتمع.
تعريف الربا
فالربا لغة: الزيادة.
وفي اصطلاح الفقهاء يقصد به: زيادة مخصوصة لأحد المتعاقدين خالية عما يقابلها من عوض.
والربا نوعان :
1-ربا الديون ومعناه الزيادة في الدين مقابل الزيادة في الأجل، وهذا الذي كان شائعا في الجاهلية، وهو ما عليه العمل اليوم في البنوك الربوية فيما يسمى بالفائدة.
2-ربا البيوع وهو بيع الأموال الربوية بعضها ببعض. وربا البيوع نوعان أيضا:
أ-  ربا الفضل: ومثاله كمن باع عملة نقدية بنفس العملة بزيادة.
ب-  ربا النسيئة: ومثاله كمن باع عملة نقدية بنفس العملة بدون زيادة؛ لكن تأخر القبض عن مجلس العقد.
وهذا النوع من الربا جاءت السنة الصحيحة بتحريمة ومن ذلك: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء ...0رواه البخاري. وفي لفظ: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز.
 ومثل الذهب في الحكم الأوراق النقدية، فعملة كل بلد تعتبر جنسا قائما بنفسه فلا تجوز المفاضلة بينها، كما لا يجوز بيع نقود ورقية بنقود أخرى آجلة ولو اختلف الجنسان،
حكم الربا:
حرام بالإجماع ،وكبيرة من كبائر الذنوب، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، فالقرآن الكريم تحدث عن الربا في عدة مواضع مرتبة ترتيبًا زمنياً، ففي العهد المكي نزل قول الله - سبحانه -: {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} سورة الروم (39).
وفي العهد المدني نزل تحريم الربا صراحة في قول الله - سبحانه -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة آل عمران(130)، وقال سبحانه: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} سورة البقرة (275)، وآخر ما ختم به التشريع قول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} (278/279) سورة البقرة.
وهذه الآية رد قاطع على من يقول: إن الربا لا يحرم إلا إذا كان أضعافاً مضاعفة، لأن الله لم يبح إلا رد رؤوس الأموال دون الزيادة عليها.
وهو من كبائر الإثم فعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (اجتنبوا السبع الموبقات)، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: (الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).5
وقد لعن الله كل من اشترك في عقد الربا، فلعن الدائن الذي يأخذه، والمستدين الذي يعطيه، والكاتب الذي يكتبه، والشاهدين عليه.
جاء عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لعن الله آكل الربا، ومؤكله، وشاهديه، وكاتبه)6، ورُوِيَ عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة أنه قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشدُّ من ستٍّ وثلاثين زنية)7، وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم).
الحكمة الربانية من تحريم الربا
فقد أورد الفخر الرازي وغيره خمسة أوجه لتحريم الربا، فقال:
(المسألة الرابعة: ذكروا في سبب تحريم الربا وجوهاً:
أحدها: الربا يقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوض، لأن من يبيع الدرهم بالدرهمين نقداً أو نسيئة، فيحصل له زيادة درهم من غير عوض، ومال الإنسان متعلق حاجته، وله حرمة عظيمة، قال عليه الصلاة والسلام: "حرمة مال الإنسان كحرمة دمه".
فوجب أن يكون أخذ ماله من غير عوض محرماً...
وثانيهما: قال بعضهم: الله تعالى إنما حرم الربا من حيث إنه يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب، وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد - نقداً كان أو نسيئة - خف عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة، وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والصناعات والعمارات.
وثالثها: قيل: السبب في تحريم عقد الربا، أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس من القرض...
ورابعها: هو أن الغالب أن المقرض يكون غنياً، والمستقرض يكون فقيراً، فالقول بتجويز عقد الربا تمكين للغني من أن يأخذ من الفقير الضعيف مالاً زائداً، وذلك غير جائز برحمة الرحيم.
وخامسها: أن حرمة الربا قد ثبتت بالنص، ولا يجب أن يكون حكم جميع التكاليف معلومة للخلق، فوجب القطع بحرمة عقد الربا، وإن كنا لا نعلم الوجه فيه).
أضرار الربا
إن الإسلام الحنيف لم يحرم شيئاً على المسلمين إلا إذا غلب ضرره على نفعه, بل إذا تساوى ضرر الشيء مع نفعه حرمته, لأن درء المفاسد أولى من جلب المنافع. وإن للربا أضرار كثيرة تغلب على منفعته, وهي تشمل سائر نواحي الحياة.
أ- من أضرار الربا الخلقية والاجتماعية:
· ظلم صاحب المال المقرض للمقترض, فإن أخذ الربا ظلم بنص القرآن الكريم, مهما كانت حالة المقترض أو جنسه أو دينه, قال الله تعالى: (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون).
· إن الربا يطبع نفوس المرابين بطابع الأثرة والأنانية, وعبادة المال والتكالب على جمعه, ويقتل في نفوسهم الشفقة والرحمة للفقراء والمحتاجين.
· إن الربا يؤدي إلى عدم وجود القرض الحسن بين أفراد المجتمع, مما يسيء إلى روح التعاون بين أفراده, وبالتالي يسيء إلى الروابط والعلاقات العائلية والاجتماعية, فتصبح العلاقة بين الناس علاقة مادية بحتة, وليست علاقة إنسانية تعاونية.
ب – من أضرار الربا الاقتصادية:
· يزيد فقر المقترضين الفقراء فقراً إلى فقرهم, وهلاكاً إلى هلاكهم, فكل فقير يقع في شرك المرابين لا يكاد يتخلص من الدين طوال حياته, وقد ينتقل الدين إلى ورثته, وقد يؤدي به الدين إلى بيع بيته الذي يؤويه مع عياله , فتصبح حالته المادية أسوأ مما كانت عليه قبل القرض.
· يجعل المال متداولا بين طائفة خاصة من المجتمع, ويقسم المجتمع إلى طبقات, طبقة أغنياء مرفهين منعمين, وطبقة عاملين كادحين منتجين, وطبقة فقراء محرومين.
· إن تسهيل القروض الاستهلاكية بفائدة من قبل البنوك شجع الكثيرين على الإسراف وعدم الادخار, لأن المسرف إذا كان يرى من يقرضه بالفائدة في أي وقت فإنه لا يراعي عن الإنفاق على شهواته ورفاهيته ولا يحسب حساب المستقبل ليدخر في حاضره ما يحتاج إليه في قابله.
ج - أضرار الربا الإنتاجي:
· غلاء أسعار السلع التي ينتجها المقرض, إذ يضيف المنتج أو المستورد فائدة القرض إلى رأس مال السلعة التي يشتريها المستهلكون, فكأن المجتمع لا المنتج ولا المستورد هو الذي يدفع الفائدة الربوية, فالظلم في القرض الإنتاجي أشمل وأعم من القرض الاستهلاكي.
· إذا تقلصت دورة الرخاء, أو إذا نقص الطلب على السلعة المنتجة بسبب ارتفاع ثمنها نتيجة لإضافة الفائدة الربوية يبقى فائض من المنتجات بغير تصريف, وهذا الفائض له عواقبه الوخيمة, إذ قد يؤدي إلى تخفيض أجر العمال أو الاستغناء عن بعضهم.
· يمنع الأغنياء من الاشتغال بالمكاسب, وذلك لأن صاحب المال إذا تمكن بواسطة وضع ماله في البنوك من الحصول على الفائدة الربوية, لم يغامر في تجارة أو صناعة, فيعيش عالة على غيره.
والمجتمع الصالح هو الذي يكون كل فرد من أفراده عضواً عاملاً منتجاً فيه.
الطرق التي فتحها الإسلام للتخلص من التعامل بالربا :
هيأ الإسلام طرقا للقضاء على الربا القائم والتخلص منه مستقبلا ، من هذه الطرق :
1 - أنه أباح شركة المضاربة ، وهي شركة يكون رأس المال فيها من شخص . والعمل من شخص آخر ، والربح مشترك بينهما بالقدر المتفق عليه ، والخسارة على صاحب رأس المال ، أما صاحب الجهد والعمل فلم يتحمل من الخسارة شيئا إذ يكفيه أنه خسر جهده وعمله .
2 - أباح بيع السلم ، وهو بيع آجل بعاجل ، فمن كان مضطرا للمال يبيع على الموسم من إنتاجه بسعر مناسب ، وبشروط مذكورة في كتب الفقه .
3 - أباح بيع المؤجل : وهو زيادة عن الثمن في بيع النقد ، وقد أباحه الإسلام لتيسير مصالح الناس ، وللتخلص من التعامل بالربا .
4 - حض على وجود مؤسسات للقرض الحسن : سواء أكان القرض على مستـوى الأفـراد أو على مستوى الجماعـات أو علـى مستـوى الحكومات . . تحقيقا لمبدأ التكافل الاجتماعي بين الأمة .
 - ص 108 - 5 - شرع الإسلام دفع الزكاة للمديون المحتاج ، والفقير الذي لا يملك ، والغريب المنقطع ونحو ذلك سدا لحاجتهم وجبرا لخلتهم ورفعا لمستواهم .
تلك هي أهم الأبواب التي فتحها الإسلام أمام أي فرد من المجتمع ، لتتحقق مصلحته وتحفظ له كرامته الإنسانية ، ويصل إلى مقصده النبيل في قضاء حوائجه ، وتأمين مصالحه وازدهار عمله وإنتاجه .
        خاتمـــــة
ولنختم هذا البحث بما ورد في الكتاب والسنة من تحريم الرِّبا والتشديد فيه.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِىَ مِنَ الرِّبَواْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}1. ففي هذه الآية تهديد شديد ووعيد أكيد لمن لم يترك الرِّبا، وذلك بمحاربته لله ورسوله، فأي ذنب في المعاملة أعظم من ذنب يكون فيه فاعله محارباً لله ولرسوله؟ ولذلك قال بعض السلف: من كان مقيماً على الربا لا يتوب منه كان حقًّا على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نَزَعَ وإلاَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ.

وفي قوله تعالى: {وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ الرِّبَواْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ

العنف ضد المرأة

4:20 ص اضف تعليق

العنف ضد المرأة
العنف ضد المرأة أو العنف ضد النساء هو مصطلح يستخدم بشكل عام للإشارة إلى ألى أي أفعال عنيفة تمارس بشكل متعمد أو بشكل استثنائي تجاه النساء. ومثله كجرائم الكراهية فان هذا النوع من العنف يستند إلى جندر الضحية كدافع رئيسي.
فيما عرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة "العنف ضد النساء" بأنه "أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس، والذي يتسبب باحداث ايذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في اطار الحياة العامة أو الخاصة."
كما نوهه الاعلان العالمي لمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة الصادر عام 1993 بأن "هذا العنف قد يرتكبه مهاجمون من كلا الجنسين أو أعضاء في الأسرة أو العائلة أو حتى الدولة ذاتها." وتعمل حكومات ومنظمات حول العالم من أجل مكافحة العنف ضد النساء وذلك عبر مجموعة مختلفة من البرامج منها قرار أممي ينص على اتخاذ يوم 25 نوفمبر من كل عام كيوم عالمي للقضاء على العنف ضد النساء.

أنواع العنف الممارس ضد المرأة :
1*العنف الجسدي :من خلال الضرب والتعذيب الممارس في بيت الزوجية بمختلف الأشكال والألوان ويزداد الأمر فظاعة حين تقف الأعراف والتقاليد بجانب الرجل،ناهيك عن ضرب الفتاة وقمعها والتساهل مع الفتى وفقا لقوانين عرفية خاصة
2*العنف النفسي:خاصة التحرش الجنسي في الشارع والحافلات ومختلف الأماكن العمومية ومقرات العمل خاصة في القطاع الخاص والذي غدا سلوكا يوميا، وقد يكون خلفية لطرد المرأة من العمل في حالة احتجاجها عليه .
3*العنف الإعلامي :حيث تتنافس وسائل الإعلام المختلفة في تقديم المرأة كوسيلة للاستقطاب إلى برامج معينة أو سلع تجارية في إطار الإشهار، بل واللعب بمختلف الطرق الفنية التافهة على الجسد الأنثوي لزيادة حقنة تخدير متلقي مخدر أصلا بفعل الهجوم الإعلامي الكاسح .
4*العنف الفكري: من خلال مختلف الأطروحات التي تنظر للمرأة نظرة تقليدية محافظة لدرجة تختزلها في الجسد وتحدد لها المهام التي يمكنها القيام بها والتي لا تليق أن تقوم بها .
5*العنف القانوني: ففي مجموعة من البلدان مازالت بعض القوانين تصر على ضرورة أخذ رأي الذكر (زوج ابن ولي ...) في بعض الأمور الخاصة بالزوجة كالسفر والتجارة...

أثرالعُنف على الأسرة
 إنَّ من أهم النتائج المُدمّرة لتبني العنف ضد المرأة، ما يأتي:
- تدمير آدمية المرأة وإنسانيتها.
- فقدان الثقة بالنفس والقدرات الذاتية للمرأة كإنسانة.
- التدهور العام في الدور والوظيفة الإجتماعية والوطنية.
- عدم الشعور بالآمان اللازم للحياة والإبداع.
- عدم القدرة على تربية الأطفال وتنشئتهم بشكل تربوي سليم.
- التدهور الصحي الذي قد يصل إلى حد الإعاقة الدائمة.
- بغض الرجل من قِبَل المرأة مما يولّد تأزماً في بناء الحياة الواجب نهوضها على تعاونهما المشترك.
- كره الزواج وفشل المؤسسة الزوحية بالتبع من خلال تفشي حالات الطلاق والتفكك الأُسري، وهذا مما ينعكس سلبياً على الأطفال من خلال:
- التدهور الصحي للطفل.
- الحرمان من النوم وفقدان التركيز.
- الخوف، الغضب، عدم الثقة بالنفس، القلق.
- عدم احترام الذات.
- فقدان الإحساس بالطفولة.
- الاكتئاب، الاحباط، العزلة، فقدان الأصدقاء، ضعف الاتصال الحميمي بالأسرة.
- آثار سلوكية مدمّرة من قبيل استسهال العدوان وتبني العنف ضد الآخر، تقبّل الإساءة في المدرسة أو الشارع، بناء شخصية مهزوزة في التعامل مع الآخرين، التغيب عن المدرسة، نمو قابلية الانحراف.

موقف الإسلام من العنف ضد المرأة.
تعد العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية من أهم الأطر الثقافية التي تقدم سندا وتبريرا للعنف ضد المرأة، فضلا عن القيم العشائرية والثقافة الذكورية التي تعلي من شأن الرجل وتعامل المرأة بدونية واحتقار وتضعها في الدرجة الثانية من السلم الإنساني. ويستند ذلك إلى التفسير الخاطىء لبعض النصوص الدينية والتي تفسر في الكثير من الأحيان لصالح الرجل فتتمخض عنها أحكام فقهية تنال من المكانة الإنسانية للمرأة، أو تسلبها حقوقها ودورها في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ما يدعم سلطة الرجل ويعطيه التبريرات في ممارسة العنف.
يتهم الدين الإسلامي ونصوصه وتفسيراتها وبعض إحكامه الشرعية بأنه أحد مصادر العنف ضد المرأة، إلا أن الحقيقة غير ذلك. فقد جاء في (القرآن الكريم) (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
وورد في حديث للنبي الأكرم (إن النساء شقائق الرجال) وكذلك قوله (استوصوا بالنساء خيرا)
واعتبر الإسلام أن المرأة في إطار الزواج كائن حقوقي مستقل عن الرجل من الناحية المادية؛ فليس للرجل أن يستولي على أموالها الخاصة، أو أن يتدخل في تجارتها أو مصالحها التي لا تتعلق به كزوج، أو لا تتعلق بالأسرة التي يتحمل مسؤولية إدارتها.
والإسلام لم يبيح للرجل أن يمارس أي عنف على المرأة، سواء في حقوقها الشرعية التي ينشأ الالتزام بها من خلال عقد الزواج، أو في إخراجها من المنزل، وحتى في مثل السب والشتم والكلام القاسي السيء، ويمثل ذلك خطية يحاسب الله عليها، ويعاقب عليها القانون الإسلامي. أما إذا مارس الرجل العنف الجسدي ضد المرأة، ولم تستطع الدفاع عن نفسها إلا بأن تبادل عنفه بعنف مثله، فيجوز لها ذلك من باب الدفاع عن النفس. كما أنه إذا مارس الرجل العنف الحقوقي ضدها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجية، كالنفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيا من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد.
و يؤكد الإسلام أنه لا ولاية لأحد على المرأة إذا كانت بالغة رشيدة مستقلة في إدارة شؤون نفسها، فليس لأحد أن يفرض عليها زوجا لا تريده، والعقد من دون رضاها باطل لا أثر له.

موقف مدونة الاسرة من العنف  
أعلن مؤخرا بالمغرب عن مشروع قانون جديد يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. ورغم أهمية هذه المبادرة، إلا أن الاحتجاجات التي صادفت الاعلان عنها أدت إلى صرف النظر عن الكثير من المقتضيات القانونية المهمة التي تضمنها المشروع الجديد، لا سيما على مستوى تجريم مجموعة من الأفعال الجديدة التي حتمتها التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية وحتى السياسية التي يعيشها المغرب.
المؤشرات الايجابية في مشروع القانون:
لقد شكل مطلب اصدار قانون اطار لمحاربة العنف ضد المرأة أحد المطالب الملحة للحركة النسائية بالمغرب أمام تنامي ظاهرة العنف التي أضحت تشكل ظاهرة مقلقة تلقي بظلالها على الاستقرار الأسري خصوصا والمجتمعي بصفة عامة. وبالرغم من التعديلات الكثيرة التي مست القانون الجنائي، إلا أنها لم تستطع أن تضمن تحقيق معالجة نوعية للجرائم التي تستهدف النساء لكونهن نساء، أي لاعتبارات تتعلق بالنوع الاجتماعي.

التصدي للعنف
إنَّ محاربة العنف- كحالة إنسانية وظاهرة اجتماعية - عملية متكاملة تتآزر فيها أنظمة التشريع القانوني والحماية القضائية والثقافة الإجتماعية النوعية والنمو الاقتصادي والاستقرار السياسي الديمقراطي، فعلى أجهزة الدولة والمجتمع المدني بمؤسساته الفاعلة العمل المتكامل لاستئصال العنف من خلال المشاريع التحديثية الفكرية والتربوية السياسية والاقتصادية، وهنا يجب إيجاد وحدة تصور موضوعي متقدم لوضع المرأة الإنساني والوطني، والعمل لضمان سيادة الاختيارات الإيجابية للمرأة في أدوارها الحياتية، وتنمية المكتسبات النوعية التي تكتسبها المرأة في ميادين الحياة وبالذات التعليمية والتربوية.
كما لابد من اعتماد سياسة التنمية البشرية الشاملة لصياغة إنسان نوعي قادر على الوعي والإنتاج والتناغم والتعايش والتطور المستمر، وهي مهمة مجتمعية وطنية تتطلب إبداع البرامج والمشاريع الشاملة التي تلحظ كافة عوامل التنمية على تنوع مصاديقها السياسية والإقتصادية والحضارية، إنَّ أي تطوّر تنموي سيُساعد في تخطي العقبات التي تواجه المرأة في مسيرتها الإنسانية والوطنية.
 كما أنَّ للتوعية النّسوية دور جوهري في التصدي للعنف، إذ لابد من معرفة المرأة لحقوقها الإنسانية والوطنية وكيفية الدفاع عنها وعدم التسامح والتهاون والسكوت على سلب هذه الحقوق، وصناعة كيان واع ومستقل لوجودها الإنساني وشخصيتها المعنوية، وعلى فاعليات المجتمع النّسوي مسؤولية إبداع مؤسسات مدنية جادة وهادفة للدفاع عن المرأة وصيانة وجودها وحقوقها.
كما أنَّ للنُخب الدينية والفكرية والسياسية الواعية أهمية حاسمة في صناعة حياة تقوم على قيم التسامح والأمن والسلام، وفي هذا الإطار يجب التنديد العلني بالعنف الذي تتعرض له المرأة والإصغاء للنساء والوقوف معهنَّ لنيل حقوقهنّ، ويجب أيضاً مواجهة المسؤولين إذا ما تقاعسوا عن منع أعمال العنف ضد المرأة ومعاقبة مرتكبيها وإنصاف ضحاياها، ورفض الأفكار والتقاليد التي تحط من شأن المرأة وتنتقص من آدميتها ودورها ووظيفتها.