العنف ضد المرأة

4:20 ص

العنف ضد المرأة
العنف ضد المرأة أو العنف ضد النساء هو مصطلح يستخدم بشكل عام للإشارة إلى ألى أي أفعال عنيفة تمارس بشكل متعمد أو بشكل استثنائي تجاه النساء. ومثله كجرائم الكراهية فان هذا النوع من العنف يستند إلى جندر الضحية كدافع رئيسي.
فيما عرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة "العنف ضد النساء" بأنه "أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس، والذي يتسبب باحداث ايذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في اطار الحياة العامة أو الخاصة."
كما نوهه الاعلان العالمي لمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة الصادر عام 1993 بأن "هذا العنف قد يرتكبه مهاجمون من كلا الجنسين أو أعضاء في الأسرة أو العائلة أو حتى الدولة ذاتها." وتعمل حكومات ومنظمات حول العالم من أجل مكافحة العنف ضد النساء وذلك عبر مجموعة مختلفة من البرامج منها قرار أممي ينص على اتخاذ يوم 25 نوفمبر من كل عام كيوم عالمي للقضاء على العنف ضد النساء.

أنواع العنف الممارس ضد المرأة :
1*العنف الجسدي :من خلال الضرب والتعذيب الممارس في بيت الزوجية بمختلف الأشكال والألوان ويزداد الأمر فظاعة حين تقف الأعراف والتقاليد بجانب الرجل،ناهيك عن ضرب الفتاة وقمعها والتساهل مع الفتى وفقا لقوانين عرفية خاصة
2*العنف النفسي:خاصة التحرش الجنسي في الشارع والحافلات ومختلف الأماكن العمومية ومقرات العمل خاصة في القطاع الخاص والذي غدا سلوكا يوميا، وقد يكون خلفية لطرد المرأة من العمل في حالة احتجاجها عليه .
3*العنف الإعلامي :حيث تتنافس وسائل الإعلام المختلفة في تقديم المرأة كوسيلة للاستقطاب إلى برامج معينة أو سلع تجارية في إطار الإشهار، بل واللعب بمختلف الطرق الفنية التافهة على الجسد الأنثوي لزيادة حقنة تخدير متلقي مخدر أصلا بفعل الهجوم الإعلامي الكاسح .
4*العنف الفكري: من خلال مختلف الأطروحات التي تنظر للمرأة نظرة تقليدية محافظة لدرجة تختزلها في الجسد وتحدد لها المهام التي يمكنها القيام بها والتي لا تليق أن تقوم بها .
5*العنف القانوني: ففي مجموعة من البلدان مازالت بعض القوانين تصر على ضرورة أخذ رأي الذكر (زوج ابن ولي ...) في بعض الأمور الخاصة بالزوجة كالسفر والتجارة...

أثرالعُنف على الأسرة
 إنَّ من أهم النتائج المُدمّرة لتبني العنف ضد المرأة، ما يأتي:
- تدمير آدمية المرأة وإنسانيتها.
- فقدان الثقة بالنفس والقدرات الذاتية للمرأة كإنسانة.
- التدهور العام في الدور والوظيفة الإجتماعية والوطنية.
- عدم الشعور بالآمان اللازم للحياة والإبداع.
- عدم القدرة على تربية الأطفال وتنشئتهم بشكل تربوي سليم.
- التدهور الصحي الذي قد يصل إلى حد الإعاقة الدائمة.
- بغض الرجل من قِبَل المرأة مما يولّد تأزماً في بناء الحياة الواجب نهوضها على تعاونهما المشترك.
- كره الزواج وفشل المؤسسة الزوحية بالتبع من خلال تفشي حالات الطلاق والتفكك الأُسري، وهذا مما ينعكس سلبياً على الأطفال من خلال:
- التدهور الصحي للطفل.
- الحرمان من النوم وفقدان التركيز.
- الخوف، الغضب، عدم الثقة بالنفس، القلق.
- عدم احترام الذات.
- فقدان الإحساس بالطفولة.
- الاكتئاب، الاحباط، العزلة، فقدان الأصدقاء، ضعف الاتصال الحميمي بالأسرة.
- آثار سلوكية مدمّرة من قبيل استسهال العدوان وتبني العنف ضد الآخر، تقبّل الإساءة في المدرسة أو الشارع، بناء شخصية مهزوزة في التعامل مع الآخرين، التغيب عن المدرسة، نمو قابلية الانحراف.

موقف الإسلام من العنف ضد المرأة.
تعد العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية من أهم الأطر الثقافية التي تقدم سندا وتبريرا للعنف ضد المرأة، فضلا عن القيم العشائرية والثقافة الذكورية التي تعلي من شأن الرجل وتعامل المرأة بدونية واحتقار وتضعها في الدرجة الثانية من السلم الإنساني. ويستند ذلك إلى التفسير الخاطىء لبعض النصوص الدينية والتي تفسر في الكثير من الأحيان لصالح الرجل فتتمخض عنها أحكام فقهية تنال من المكانة الإنسانية للمرأة، أو تسلبها حقوقها ودورها في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ما يدعم سلطة الرجل ويعطيه التبريرات في ممارسة العنف.
يتهم الدين الإسلامي ونصوصه وتفسيراتها وبعض إحكامه الشرعية بأنه أحد مصادر العنف ضد المرأة، إلا أن الحقيقة غير ذلك. فقد جاء في (القرآن الكريم) (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
وورد في حديث للنبي الأكرم (إن النساء شقائق الرجال) وكذلك قوله (استوصوا بالنساء خيرا)
واعتبر الإسلام أن المرأة في إطار الزواج كائن حقوقي مستقل عن الرجل من الناحية المادية؛ فليس للرجل أن يستولي على أموالها الخاصة، أو أن يتدخل في تجارتها أو مصالحها التي لا تتعلق به كزوج، أو لا تتعلق بالأسرة التي يتحمل مسؤولية إدارتها.
والإسلام لم يبيح للرجل أن يمارس أي عنف على المرأة، سواء في حقوقها الشرعية التي ينشأ الالتزام بها من خلال عقد الزواج، أو في إخراجها من المنزل، وحتى في مثل السب والشتم والكلام القاسي السيء، ويمثل ذلك خطية يحاسب الله عليها، ويعاقب عليها القانون الإسلامي. أما إذا مارس الرجل العنف الجسدي ضد المرأة، ولم تستطع الدفاع عن نفسها إلا بأن تبادل عنفه بعنف مثله، فيجوز لها ذلك من باب الدفاع عن النفس. كما أنه إذا مارس الرجل العنف الحقوقي ضدها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجية، كالنفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيا من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد.
و يؤكد الإسلام أنه لا ولاية لأحد على المرأة إذا كانت بالغة رشيدة مستقلة في إدارة شؤون نفسها، فليس لأحد أن يفرض عليها زوجا لا تريده، والعقد من دون رضاها باطل لا أثر له.

موقف مدونة الاسرة من العنف  
أعلن مؤخرا بالمغرب عن مشروع قانون جديد يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. ورغم أهمية هذه المبادرة، إلا أن الاحتجاجات التي صادفت الاعلان عنها أدت إلى صرف النظر عن الكثير من المقتضيات القانونية المهمة التي تضمنها المشروع الجديد، لا سيما على مستوى تجريم مجموعة من الأفعال الجديدة التي حتمتها التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية وحتى السياسية التي يعيشها المغرب.
المؤشرات الايجابية في مشروع القانون:
لقد شكل مطلب اصدار قانون اطار لمحاربة العنف ضد المرأة أحد المطالب الملحة للحركة النسائية بالمغرب أمام تنامي ظاهرة العنف التي أضحت تشكل ظاهرة مقلقة تلقي بظلالها على الاستقرار الأسري خصوصا والمجتمعي بصفة عامة. وبالرغم من التعديلات الكثيرة التي مست القانون الجنائي، إلا أنها لم تستطع أن تضمن تحقيق معالجة نوعية للجرائم التي تستهدف النساء لكونهن نساء، أي لاعتبارات تتعلق بالنوع الاجتماعي.

التصدي للعنف
إنَّ محاربة العنف- كحالة إنسانية وظاهرة اجتماعية - عملية متكاملة تتآزر فيها أنظمة التشريع القانوني والحماية القضائية والثقافة الإجتماعية النوعية والنمو الاقتصادي والاستقرار السياسي الديمقراطي، فعلى أجهزة الدولة والمجتمع المدني بمؤسساته الفاعلة العمل المتكامل لاستئصال العنف من خلال المشاريع التحديثية الفكرية والتربوية السياسية والاقتصادية، وهنا يجب إيجاد وحدة تصور موضوعي متقدم لوضع المرأة الإنساني والوطني، والعمل لضمان سيادة الاختيارات الإيجابية للمرأة في أدوارها الحياتية، وتنمية المكتسبات النوعية التي تكتسبها المرأة في ميادين الحياة وبالذات التعليمية والتربوية.
كما لابد من اعتماد سياسة التنمية البشرية الشاملة لصياغة إنسان نوعي قادر على الوعي والإنتاج والتناغم والتعايش والتطور المستمر، وهي مهمة مجتمعية وطنية تتطلب إبداع البرامج والمشاريع الشاملة التي تلحظ كافة عوامل التنمية على تنوع مصاديقها السياسية والإقتصادية والحضارية، إنَّ أي تطوّر تنموي سيُساعد في تخطي العقبات التي تواجه المرأة في مسيرتها الإنسانية والوطنية.
 كما أنَّ للتوعية النّسوية دور جوهري في التصدي للعنف، إذ لابد من معرفة المرأة لحقوقها الإنسانية والوطنية وكيفية الدفاع عنها وعدم التسامح والتهاون والسكوت على سلب هذه الحقوق، وصناعة كيان واع ومستقل لوجودها الإنساني وشخصيتها المعنوية، وعلى فاعليات المجتمع النّسوي مسؤولية إبداع مؤسسات مدنية جادة وهادفة للدفاع عن المرأة وصيانة وجودها وحقوقها.
كما أنَّ للنُخب الدينية والفكرية والسياسية الواعية أهمية حاسمة في صناعة حياة تقوم على قيم التسامح والأمن والسلام، وفي هذا الإطار يجب التنديد العلني بالعنف الذي تتعرض له المرأة والإصغاء للنساء والوقوف معهنَّ لنيل حقوقهنّ، ويجب أيضاً مواجهة المسؤولين إذا ما تقاعسوا عن منع أعمال العنف ضد المرأة ومعاقبة مرتكبيها وإنصاف ضحاياها، ورفض الأفكار والتقاليد التي تحط من شأن المرأة وتنتقص من آدميتها ودورها ووظيفتها.


شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة