إن هذا الفن من فنون الأدب العربي لم يظهر تحت مسمى أدب الرحلات، وإنما كان يظهر أحيانا تحت خانة «كتب التاريخ أو الجغرافيا أو السيرة الذاتية أو كتب الاعتراف أو أدب الاعتراف».. وهكذا فإن هذه التسمية «أدب الرحلات» تسمية وليدة هذا العصر وما شهده من دراسات ومصطلحات وتقسيمات لفنون وألوان المعرفة الأدبية.
وعلى رغم هذا فإن المشكلة فيما يطلق عليه أدب الرحلات لاتزال قائمة من حيث عدم وجود تعريف دقيق لهذا الفن يؤطر حدوده.
أنسب التعاريف ما يلي:
هو نوع من الأدب الذي يصور فيه الكاتب ما جرى له من أحداث، وما صادفه من أمور في أثناء رحلةٍ قام بها إلى أحد البلدان.
أويملي أو يحدث مشاهداته ومشاعره تجاه ما سمع وما رأى، ويسطر ذلك شخص آخر.
أسباب نشأة أدب الرحلة:
سبق أن أناسا في كل عصر ومصر في رحلات دائبة،ولم تتوقف الرحلة منذ أقدم العصور: وبعضهم كان يدوِّن رحلته، ويسجلها قصة باقية عبر العصور.
فمن أسباب نشأة أدب الرحلة وتدوين الرحلات:
1- أن يطلب الحاكم من الرحالة تدوين الرحلة.
2- أو يطلب الأصدقاء ذلك.
3- وقد تكون رغبة الرحالة أنفسهم في إفادة القراء وتثقيفهم بالجديد، وتعريفهم بتاريخ البلدان وحضارتها وشعوبها، وأبرز معالمها وعجائبها وعاداتها وتقاليدها.
4- ومن الأسباب أيضاً أن يهتدي المسافرون بهذه الرحلة المدونة فتكون دليلاً لهم.
5- وكذلك لإبراز مناسك الحج والعمرة، وإعانة المسلمين على معرفة الديار المقدسة وكيفية الوصول إليها والتجول فيها.
نشأة أدب الرحلة في التراث العربي:
وأما نشأة أدب الرحلـة في التراث العربي فالباحث يجده مبثوثا غير مدون في أشعار العرب الجاهليـة، يبين الرحالــة فيــه بعض المعلومات الثقافية، ويُظهر مشاعر تختلج في قلبه بمشاهداته في أثناء الرحلة.
وأجدر أن يعد في أدب الرحلة ما روي في كتب الأحاديث عن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وهجرة أصحابه عليه الصلاة والسلام إلى الحبشة، وبعثاته صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والسلاطين. لأن المرويات عن هذه تكشف لنا المعلومات الثقافية والجغرافية والدينية وغيرها.
ومن أدب الرحلة في فجرالإسلام ما روي عن تميم الداري رضي الله عنه وهو والي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض بالقرب من الخليل أحد أقاليم فلسطين، ويتحدث تميم عن رحلة له ببحر الشام، حيث قذفت به عاصفة هو وصحبه إلى جزيرة مهجورة، رأو فيها رأي العين المسيح الدجال.
وتحوم الشكوك حول هذه القصة، ولسنا الآن بصدد بحثها.
الباحث يجد مزيدا في التراث العربي في ذلك العصر مثل هذه النماذج لأدب الرحلة مما روي في رحلة عثمان بن العاص الثقفي إلى تهانه مومبائي، وفي رحلة العلاء الحضرمي إلى اصطخر .
قيمة أدب الرحلات
* يعرف قارئ الأدب الرحلة – وهو مستريح في غرفته – عن
* بلاد أجنبية. وثقافتها.
* وهيئتها الإجتماعية. وجغرافيتها.
* ومناظرها الجميلة.
* بل إن كان الرحال كاتبا قديرا، فالقارئ كأنه يرى هذه الأشياء رأي العين، ويحسب نفسه مرافقا للرحالة. وبالإضافة إلى ذلك يتمتع بأدبه وأسلوبه..
الإبتساماتإخفاء