وردت قصص كثيرة في الآداب القديمة عن أفراد كان يبدو أنهم توحد يون وبالرغم من عدم ثبوت تشخيص حالة أولئك الأشخاص بالتوحد آنذاك إلا أنه عند مقارنة أعراض التوحد مع وصف حالات الأفراد في بعض القصص الأدبية القديمة نرى أنها تتطابق إلى حد بعيد ، أن أهم الروايات الموثقة ما ورد عن الطبيب الفرنسي (جون مارك جاسبار إيتارد 1775- 1838)الذي عمل جراحاً في الجيش الفرنسي ثم تخصص في أمراض الأذن وتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة كتب ايتارد عن طفل يدعى فيكتور عرف باسم طفل أفيرون المتوحش .
قصة فيكتور
تخلت عائلة فيكتور عنه وهو صغير وعاش وحيداً لسنوات عديدة في الغابات الفرنسية دون أن يرعاه أحد ودون مأوى أو ملبس تمكن هذا الولد المسكين من العيش وحيداً ومن الحصول على طعامه مما كان يجده في بيئته الأحراش والمدهش في الأمر تمكنه من البقاء حياً في أقصى فصول الشتاء برودة أما كيف تمكن من العيش في ظل تلك الظروف الباردة فأمر يظل مبهماً حتى الآن عثر على فيكتور عندما بلغ 12 عاماً وأحضر إلى بيئته الحياة المدنية في فرنسا لم يكن آنذاك ينطق بكلمة واحدة وكان سلوكه غريباً لا يفهمه أحد وكان من الواضح بالطبع أنه لم يكن قادراً على التفاعل اجتماعياً مع المحيطين به علاوة على أنه بدا وكأنه يعاني من إعاقة ذهنية .
تعليم فيكتور
تردد ايتارد في تعلم فيكتور فسخر منه زملاؤه لأن التعليم الخاص في أوروبا في ذلك الحين كان أمراً نادراً جداً وغير مقبول كانت اللمارسة الشائعة في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة وضعهم في مصحات أو مستشفيات إلى أن ينتهي الأمر بهم أخذ ايتارد فيكتور لمنزله الخاص وعلمه بطريقة مبسطة يفهمها وبعد خمس سنوات تمكن فيكتور من تعلم بعض الإشارات والكلمات التي استطاع بواسطتها التعبير عن بعض احتياجاته وتعلم قليلاً من المهارات العملية ومهارات الاعتماد على النفس مثل استخدام الشوكة والسكين في الأكل كما تحسنت مهاراته الاجتماعية إلى حد ما ولكن على الرغم من ذلك لم يحقق د ايتارد النجاح الذي يصبو إليه فقد ظل فيكتور يواجه صعوبة شديدة في التكيف الاجتماعي ولم يتمكن من الاستقلال بذاته تماماً أو من الكلام بطلاقة هذا إلى جانب أنه عجز عن نقل المعرفة أو الخبرة التي تعلمها في موقف ما وتطبيقها في موقف آخر ولكن بالرغم من التقدم المحدود الذي حققه فيكتور كان ايتارد من أوائل من استخدم طرق تعليم غير تقليدية لتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مما دعا الكثيرين لاعتباره الأب الروحي للتعليم الخاص في أوروبا .
سؤال / هل كان فيكتور يعاني من التوحد ؟
تتطابق أوصاف فيكتور مع ما نعرفه اليوم بالتوحد فقد كان يعاني من 1- صعوبة شديدة في التواصل الاجتماعي مع الآخرين 2- تأخراً في اللغة 3- صعوبة في نقل وتطبيق ما يتعلمه من موقف إلى آخر 4- كان يفضل البقاء بمفرده 5- كما أنه كان يظهر سلوكيات أخرى غريبة وصعبة 6- إضافة إلى ردود فعل حسية مختلفة مثل قدرته على تحمل البرودة الشديدة ، مما ذكرنا يمكننا أن نستنتج أن اضطراب التوحد وجد قبل وقت طويل من التعرف عليه بشكله العملي بل ربما كان موجوداً على مر الزمان إلا أن أول من استخدم تعبير توحد طفولتي هو الطبيب النفسي السويسري بلولر (1916-1951م).
الإبتساماتإخفاء