مفهوم الجريمة المنظمة
2.1.1. تعريف اتفاقية الأمم المتحدة للجريمة المنظمة لعام 2000
أما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي عقدت في باليرمو بإيطاليا سنة 2000 فقد عرفت الجريمة المنظمة بدلالة المنظمة الإجرامية حيث جاء فيها في المادة 2 فقرة
- أ - ما يلي " يقصد بتعبير جماعة إجرامية منظمة جماعة ذات هيكل تنظيمي مؤلفة من ثلاث أشخاص أو أكثر موجودة لفترة من الزمن و تعمل بصورة متضافرة بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطيرة و الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية ، و من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى."
أما الفقرة - ب - فقد جاء فيها " يقصد بتعبير جريمة خطيرة سلوك يمثل جرما يعاقب عليها بالحرمان التام من الحرية لمدة لا تقل عن أربعة سنوات أو بعقوبة أشد."
و ما يلاحظ على التعريف أنه ركز على المنظمة الإجرامية التي تمارس النشاطات الإجرامية بحيث أشار التعريف إلى مجمل عناصر التنظيم المتمثلة في الاستمرارية، و السعي لتحقيق الربح المالي بارتكاب الجرائم الخطيرة، و قد اعتبرت الاتفاقية حتى يمكن الوصول إلى درجة الجريمة الخطيرة لا بد أن تكون عقوبتها لا تقل عن أربع سنوات.
و من جهة أخرى فقد عرفتها المنظمة الدولية للشرطة الجنائية في الندوة الدولية الأولى التي عقدت في سانت كلود بفرنسا عام 1988 و التي خصصت لموضوع الجريمة المنظمة بحيث أوردت تعريفا واسعا " الجريمة المنظمة أي مشروع أو مجموعة من الأشخاص تعمل بصورة مستمرة في نشاط غير قانوني و يكون باعثها الأساسي الحصول على الأرباح دون اعتبار للحدود الوطنية ". ( )
نصل في الأخير الى أن الإجرام المنظم هو عبارة عن مؤسسة إجرامية ذات تنظيم هيكلي متدرج و محكم تمارس أنشطة غير مشروعة من اجل الحصول على هدف مادي غير مشروع ، أو المساس بالمصالح الإستراتيجية و الأمن العام لدولة أو لعدد من الدول ، مستخدما في ذلك العنف و القوة و الفساد
2.1. خصائص الجريمة المنظمة
إن الجريمة المنظمة من الجرائم الخطيرة، و هي التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع الدولي، و تبرز خطورتها من خلال التنظيم و التخطيط الذي يكفل لها النجاح و الاستمرار بحيث يصعب تطويقها و القضاء عليها بسهولة ذلك أن المنظمات الإجرامية التي تقوم بالإعداد للجريمة المنظمة هم في الغالب أصحاب خبرة و احتراف يخططون لتلك الجريمة بطريقة محكمة تكفل النجاح في تنفيذها ( ) ، و هناك شبه اتفاق حول خصائص الجريمة المنظمة بين المتخصصين في الميدان القانوني و من أهم خصائصها ما يلي:
1.2.1. التخطيط: ( )
يعتبر أهم ميزة في الجرائم المنظمة فالجريمة التي ترتكب من دون تخطيط لا تدخل في نطاق الجريمة المنظمة، و التخطيط ليس بالعملية السهلة فهو يحتاج إلى فئة من المحترفين الذين يملكون مؤهلات شخصية و خبرة و دراية تمكنهم من سد جميع الثغرات القانونية و الاقتصادية التي يمكن أن تؤدي إلى اكتشاف الجريمة قبل ارتكابها و أثناء تنفيذها.
و يعتبر التخطيط من ثوابت العمل داخل المنظمة الإجرامية حيث تستعين المنظمات الإجرامية
في التخطيط لجرائمها بأشخاص ذوي كفاءة و الممارسة في جميع الميادين كرجال القانون و الأطباء و المحاسبين، و لذلك يطلق على هذه الجرائم مصطلح جرائم الذكاء ( ).
2.2.1. التنظيم
يحتاج القيام بالجريمة المنظمة وجود منظمة إجرامية على درجة كبيرة من التنظيم حتى يمكن القول بارتكابها، و هذا ما أشارت إليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المنعقدة في باليرمو سنة 2000 حيث أشارت إلى أنه " يقصد بتعبير جماعة ذات هيكل تنظيمي جماعة غير مشكلة عشوائيا لغرض الارتكاب الفوري لجرم ما، و لا يلزم أن تكون لأعضائها أدوار محددة رسميا و أن تستمر عضويتهم فيها " ( ). و يقوم هذا التنظيم على أساس المستويات المتدرجة الواضحة المحددة بدقة و المعترف بها و المحترمة من طرف جميع أعضاء العصابة ، و يتصف هيكلها التنظيمي بالثبات و الاستمرارية بالإضافة إلى وجود قيادة مركزية في القمة و الذين يتمتعون بدرجة كبيرة من الحصانة اتجاه القبض و المداهمة في مستويات قيادتها العليا ( ).
3.2.1. التعقيد و السرية
و هما من شروط ارتكاب الجريمة المنظمة، بحيث تكون على درجة كبيرة من التعقيد يصعب معها اكتشافها، و غالبا ما يتم اللجوء إلى الجرائم المعقدة لأنها تجد فيها مجالا خصبا لتطبيق الأساليب المختلفة و التي تحقق تجاوز القانون، و لهذا يخفى أمر المجرمين على كثير ممن يشاركونهم العمل لأن زاوية الانحراف تكون غير واضحة ( ) ، وبالتالي يفلت المجرمون من العقاب ، لأنهم في ذاك يخفون تصرفهم المنافي للمشروعية بأعمال تبرز في ظاهرها على أنها أعمال مشروعة .
4.2.1. الاحتراف و الاستمرارية
فممارسة النشاط الإجرامي تتطلب نوع من المؤهلات التي لا تتوفر لدى الجميع لأن أغلبية الناس لا تقبل المخاطرة في ارتكاب الجريمة المنظمة لاعتبارات منها دينية و منها أخلاقية، و منها اجتماعية، و لهذا فإن من يعمل ضمن إطار الجريمة المنظمة و يقبل المخاطرة فانه يحتاج إلى احتراف. 5.2.1. القدرة على التوظيف و الابتزاز
إن هذه الخاصية مرتبطة بطبيعة الجرائم المنظمة ، لان المجرم لا يستطيع أن يقوم بعمله إلا عن طريق تسخير العناصر لتمكينه مما يريد ، و هو يستعمل في ذلك كل الوسائل الممكنة لإخضاع الأفراد الآخرين لقاء خدمات أو مصالح مادية أو معنوية ، وبالتأكيد فان أهم هذه الإمكانيات هو المال . و نجد أن عملية تجنيد الأفراد داخل المنظمات الإجرامية لا يتم بشكل عشوائي وإنما يكون دائما ذكيا ، فليس كل شخص يصلح للالتحاق بهذا التنظيم ( ). فالمجرمين غالبا ما يكونوا أذكياء في اختيار الأشخاص الذين يتعاملون معهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، فهم قادرون على بسط سلطانهم على هؤلاء ، وابتزازهم ، و حتى تصفيتهم جسديا .
6.2.1. تعايش المجتمع مع ظاهرة الجريمة المنظمة
تعتبر هذه الخاصية من أخطر خصائص الجريمة المنظمة، لأن الجريمة عندما تستطيع التغلغل في أوساط المجتمع، فإنها تصبح سلوكا مألوفا يخضع له الناس، فالإنسان دائما يميل إلى الهدوء و الاستقرار و الابتعاد على المخاطر و عندما يحس أو يشعر الأفراد بأن الإجرام مسيطر داخل المجتمع فإنهم يستسلمون و يضطرون للتعايش مع حالة الإجرام و يتعاونون مع المنظمات الإجرامية خوفا منها ( ). بحيث أن ارتكاب الجرائم عن طريق الجريمة المنظمة يهدف بلا شك الى أعمال غير مشروعة و لكن للتمويه يتم خلط هذه الأنشطة بأنشطة مشروعة و بالتالي تحاول دمج أنشطتها غير المشروعة في شركات شرعية أو تحاول إضفاء صفة المشروعية على تلك الأنشطة ، وبالتالي فتدمج الأنشطة غير المشروعة في الكيان الاجتماعي ( ) .
7.2.1. الربح المالي الفاحش
تهدف الجريمة المنظمة أساسا الى تحقيق الربح كهدف بجانب أهداف أخرى (كالسياسية مثلا) ، ويقال أن الأرباح الطائلة التي تحققها على مستوى الدول لا تقدر بثمن ( ).
8.2.1. استخدام العنف و الترويع و الإرهاب و الرشوة كوسائل للجريمة المنظمة
إن وسائل ممارسة الأنشطة الإجرامية عن طريق العصابات المنظمة متعددة و لكن يغلب عليها العنف و التهديد و الرعب لترويع الآخرين و إرهابهم وممارسة الضغوط عليهم ( ) ، والتهديد يقصد به منع المجني عليهم من الإبلاغ عن الجرائم التي ترتكبها العصابات و إن حدث ووصل الأمر الى القائمين على السلطة فان الرشوة من وجهة نظرهم تستطيع ممارسة دورها بالتحكم في اتجاهاتهم .
الإبتساماتإخفاء